
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وفي تفسير الآية نزاع بين الأئمة (1)، وكذلك في خلق الأرواح قبل الأجساد قولان معروفان.
لكن المقصود هنا أن هذا إن كان حقًّا فهو توكيد لكونهم ولدوا على تلك المعرفة والإقرار، فهذا لا يخالف ما دلت عليه الأحاديث من أنه يولد على الملة، وأن الله خلق خلقه حنفاء، بل هو مؤيد لذلك (2).
وأما قول القائل: إنهم في ذلك الإقرار انقسموا إلى مطيع وكافر، فهذا لم يُنقل عن أحد من السلف فيما أعلم إلا عن السُّدِّي في تفسيره، قال: لما أخرج الله آدم من الجنة ــ قبل أن يهبطه من السماء ــ مسح صفحة ظهره اليمنى، فأخرج منه ذرّية بيضاء مثل اللؤلؤ كهيئة الذرّ، فقال لهم: ادخلوا الجنة برحمتي. ومسح صفحة ظهره اليسرى، فأخرج منه ذرّية سوداء كهيئة الذرّ، فقال: ادخلوا النار ولا أبالي. ذلك قوله: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ} [الواقعة: 27]، {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ} [الواقعة: 41] ثم أخذ منهم الميثاق، فقال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} فأعطاه طائفةٌ طائعين، وطائفةٌ كارهين على وجه التَّقِيّة، فقال هو والملائكة: {شَهِدْنَا يَقُولُوا تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا} [الأعراف: 172]، فليس أحد من ولد آدم إلا وهو يعرف الله بأنه ربّه، وذلك قوله عز وجل: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [آل عمران: 83]، وكذلك (3) قوله: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}