
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل (1)
قال القدري: قال الله عز وجل: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79]، وعند الجبري: أن الكل فعل الله، وليس من العبد شيء.
قال الجبري: في الكلام استفهام مقدَّر، تقديره: أفمن نفسك؟ فهو إنكار لا إثبات، وقرأها بعضهم: {فَمَنْ نَفْسُك}؟ بفتح الميم ورفع نفسك (2)، أي: مَن أنت حتى تفعلها؟
قال: ولابد من تأويل الآية وإلا ناقض قوله في الآية التي قبلها: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [النساء: 78]، فأخبر أن الحسنات والسيئات جميعًا من عنده، لا من عند العبد (3).
قال السني: أخطأتما جميعًا في فهم الآية أقبح خطأ، ومنشأ غلطكما ظنكما أن الحسنات والسيئات في الآية المراد بها الطاعات والمعاصي التي هي فعل العبد الاختياري، وهذا وهم محض في هذه الآية، وإنما المراد بها النعم والمصائب.
ولفظ الحسنات والسيئات في كتاب الله يراد به هذا تارة، وهذا تارة،