شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج2

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج2

3955 1

[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 468

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]






أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

يريده به بما يريده به، فليس هناك أسباب مخلوقة لغيره يستعيذ منها المستعيذ به، كما يستعيذ مَنْ ظَلَمه رجلٌ وقهرَهُ برجل أقوى منه أو نظيره.

فالمُستعاذ منه هو الذنوب وعقوباتها، والآلام وأسبابها، والسبب من قضائه، والمسبَّب من قضائه، والإعاذة بقضائه (1)، فهو الذي يعيذ من قضائه بقضائه، فلم يُعِذ إلا بما قدّره وشاءه، وقدّر (2) الاستعاذة منه وشاءها، وقدّر الإعاذة وشاءها، فالجميع قضاؤه وقدره وموجَب مشيئته.

فنَتَجَتْ هذه الكلمة ــ التي لو قالها غير الرسول - صلى الله عليه وسلم - لبادر المتكلّم الجاهل إلى إنكارها وردّها ــ: أنه لا يملك الضر والنفع، والخلق والأمر، والإعاذة غيرك، وأنّ المُستعاذ منه هو بيدك، وتحت تصرفك، ومخلوق من خلقك، فما استعذتُ إلا بك، ولا استعذتُ إلا منك.

وهذا نظير قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر: «لا مَلْجأ ولا مَنْجا منك إلا إليك» (3)، فهو الذي ينجّي من نفسه بنفسه، ويعيذ من نفسه بنفسه، وكذلك الفرار؛ يفرّ عبده منه إليه.

وهذا كله تحقيق للتوحيد والقدر، وأنه لا ربّ غيره، ولا خالق سواه، ولا يملك المخلوق لنفسه ولا لغيره ضرًّا ولا نفعًا، ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا، بل الأمر كله لله، ليس لأحد سواه منه شيء، كما قال تعالى لأكرم خلقه عليه، وأحبهم إليه: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128]، وقال

الصفحة

354/ 468

مرحباً بك !
مرحبا بك !