
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وما يفعل به بغير اختياره يقال فيه: أصابك كقوله: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30]، وقوله: {وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ} [التوبة: 50]، وقوله: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} [آل عمران: 165]، فجمع الله في الآية بين ما أصابوه بفعلهم وكسبهم، وما أصابهم مما ليس فعلًا لهم، وقوله: {وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ} [التوبة: 52]، وقوله: {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ} [الرعد: 31]، وقوله: {فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ} [المائدة: 106].
فقوله تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ} [النساء: 79] هو من هذا القسم، لا من القسم الذي يصيبه العبد باختياره، وهذا إجماع من السلف في تفسير هذه الآية.
قال أبو العالية: «{وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ}: هذا في السراء، {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ}: هذا في الضراء» (1).
وقال السُّدِّي: «الحسنة الخصب، تنتج مواشيهم وأنعامهم، ويحسن حالهم، وتلد نساؤهم الغلمان، قالوا: هذا من عند الله، {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ}، قال: الضرّ في أموالهم، تشاءموا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وقالوا: هذا من عنده، يقولون: بتركنا ديننا واتباعنا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أصابنا ما أصابنا، فأنزل الله تعالى ردًّا عليهم: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [النساء: 78]: الحسنة والسيئة» (2).