شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج2

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج2

4464 1

[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 468

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]






أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

فقال أبو عُثمان الجاحظ (1): العبد يحدث أفعاله بغير إرادة منه، بل بمجرد قدرته وعلمه بما في الفعل من الملاءمة، فإذا علم موافقة الفعل له وهو قادر عليه أحدثه بقدرته وعلمه.

وأنكر توقفه على إرادة مُحْدَثة، وأنكر حقيقة الإرادة في الشاهد، ولم ينكر الميل والشهوة، ولكن لا يتوقف إحداث الفعل عليهما، فإن الإنسان قد يفعل ما لا يشتهيه، ولا يميل إليه.

وخالفه جميع الأصحاب، وأثبتوا الإرادة الحادثة، ثم اختلفوا في سبب حدوثها.

فقالت طائفة منهم: كون النفس مريدة أمر ذاتي لها، وما بالذات لا يُعلَّل، ولا يُطلب سبب وجوده، وطريقة التعليل تُسْلك ما لم يمنع منها مانع، واختصاص الذات بالصفة الذاتية لا يُعَلَّل، فهكذا اختصاص النفس بكونها مريدة هو أمر ذاتي لها، وبذلك كانت نفسًا، فقول القائل: لِمَ أرادت كذا؟ وما الذي أوجب لها إرادته؟ كقوله: لمَ كانت نفسًا؟ وكقوله: لمَ كانت النار مُحْرِقة أو متحركة؟ ولِمَ كان الماء مائعًا سَيّالًا؟ ولِمَ كان الهواء خفيفًا؟

فكون النفس مريدة متحركة بالإرادة هو معنى كونها نفسًا، فهو بمنزلة قول القائل: لِمَ كانت نفسًا؟ وحركتها بمنزلة حركة الفلك، فهي خُلِقت هكذا.

وقالت طائفة أخرى: بل الله سبحانه أحدث فيها الإرادة، والإرادة صالحة للضدين، فخلق فيها إرادة تصلح للخير والشر، فآثرت هي أحدهما على الآخر بشهوتها وميلها، فأعطاها قدرة صالحة للضدين وإرادة صالحة

الصفحة

69/ 468

مرحباً بك !
مرحبا بك !