
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فهذه المعرفة وهذه العبودية هما غاية الخلق والأمر، وهما أعظم كمال الإنسان، والله تعالى من عنايته به ورحمته له عَرّضه لهذا الكمال، وهيَّأ له أسبابه الظاهرة والباطنة، ومكَّنه منها.
ومدار التكليف على الإسلام والإيمان والإحسان، وهي ترجع إلى شكر المُنْعِم (1) كلها، دقيقها ووضيعها وجليلها منه، وتعظيمه وإجلاله ومعاملته بما يليق أن يعامَل به، فتُذكر آلاؤه، ويُشكر فلا يُكفر، ويُطاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا يُنسى.
هذا مع تضمّن التكليف لاتصاف العبد بكل خلق جميل، وإتيانه بكل فعل حسن وقول سديد، واجتنابه لكل خلق سيئ، وترك كل فعل قبيح وقول زور، فتكليفه متضمّن لمكارم الأخلاق، ومحاسن الأفعال، وصدق القول، والإحسان إلى الخليقة، وتكميل نفسه بأنواع الكمالات، وهجر أضداد ذلك، والتنزّه عنها، مع تعريضه بذلك التكليف للثواب الجزيل الدائم، ومجاورة ربه في دار البقاء.
فأيّ الأمرين أليق بالحكمة؟ هذا أو إرساله هَمَلًا كالخيل والبغال والحمير، يأكل ويشرب وينكح كالبهائم؟!
وهل يقتضي كماله المقدّس ذلك؟!
{فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون: 116].