شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج2

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج2

3955 1

[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 468

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]






أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

موصلًا إليها (1).

ولهذا كانت العقلاء قاطبة على أن النعيم لا يُدرك بالنعيم، وأن الراحة لا تنال بالراحة، وأن من آثر اللذات فاتته اللذات، فهذه الآلام والأمراض والمشاق من أعظم النعم؛ إذ هي أسباب النعم.

وما ينال الحيوانات غير المكلفة منها فمغمور جدًّا بالنسبة إلى مصالحها ومنافعها، كما ينالها من حرِّ الصيف وبرد الشتاء، وحَبْس المطر والثلج، وألم الحمل والولادة، والسعي في طلب أقواتها، وغير ذلك، ولكن لذاتها أضعاف أضعاف آلامها، وما ينالها من المنافع والخيرات أضعاف ما ينالها من الشرور والآلام.

فسنّة الله في خلقه وأمره هي التي أوجبها كمال علمه وحكمته وعزّته، ولو اجتمعت عقول العقلاء كلهم على أن يقترحوا أحسن منها لعجزوا عن ذلك، وقيل لكل منهم: ارجع بصر العقل؛ هل ترى من خلل؟ ثم ارجع البصر كَرّتين ينقلب إليك البصر خاسِئًا وهو حَسِير.

فتبارك الذي من كمال حكمته وقدرته أن أخرج الأضداد من أضدادها، والأشياء من خلافها، فأخرج الأضداد والأشياء من خلافها (2)، فأخرج الحي من الميت، والميت من الحي، والرطب من اليابس، واليابس من الرطب، فكذلك أنشأ اللذات من الآلام، والآلام من اللذات، فأعظم اللذات ثمرات الآلام ونتائجها، وأعظم الآلام ثمرات اللذات ونتائجها.

الصفحة

285/ 468

مرحباً بك !
مرحبا بك !