شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج2

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج2

2631 1

[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 468

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]






اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

أفعالًا ظهرت فيها حكمته، ووقعت على أتم الوجوه وأوفقها للمصالح المقصودة بها، ثم رأوا أفعاله قد تكرّرت كذلك، ثم جاءهم من أفعاله ما لا يعلمون وجه حكمته فيه= لم يسعهم غير التسليم لِمَا عرفوا من حكمته، واستقرَّ في عقولهم منها، وردّوا متشابه ما جهلوه إلى مُحكَم ما علموه.

هكذا نجد أرباب كل صناعة مع أستاذهم، حتى إن النفاة يسلكون هذا المسلك بعينه مع أئمتهم وشيوخهم، فإذا جاءهم إشكالٌ على قواعد أئمتهم ومذاهبهم، قالوا: هم أعلم منا، وهم فوقنا في كل علم ومعرفة وحكمة، ونحن معهم كالصبي مع معلمه وأستاذه.

فهلّا سلكوا هذا السبيل مع ربهم وخالقهم الذي بهرت حكمته العقول، وكان نسبتها إلى حكمته أقل (1) من نسبة عين الخُفّاش إلى جرم الشمس.

ولو أنّ العالِم الفاضل المبرَّز في علوم كثيرة اعترض على من لم يشاركه في صنعته، ولا هو من أهلها، وقدح في أوضاعها= لخرج (2) عن موجِب العقل والعلم، وعُدّ ذلك منه نقص وسفه، فكيف بأحكم الحاكمين، وأعلم العالمين، وأقدر القادرين؟!

الجواب الحادي عشر: أن الحكمة إنما تتم بخلْق المتضادّات والمتقابلات، كالليل والنهار، والعلو والسفل، والطيّب والخبيث، والخفيف والثقيل، والحلو والمر، والحرّ والبرد، والألم واللذة، والحياة والموت، والداء والدواء، فخلْق هذه المتقابلات هو محل ظهور الحكمة الباهرة، كما

الصفحة

197/ 468

مرحبًا بك !
مرحبا بك !