شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1

3406 4

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: ٢

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زاهر بن سالم بَلفقيه وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 51

أكثر الحيوان أعداء، وكان أعداؤها من أقل الحيوان منفعة وبركة، وهذه سنة الله في خلقه، وهو العزيز الحكيم.

فصل (1)

وهذه النمل من أهدى الحيوانات، وهدايتها من أعجب شيء؛ فإنَّ النملة الصغيرة تخرجُ من بيتها وتطلب قوتَها وإن بَعُدت عليها الطريق، فإذا ظفرت به حملته وساقته في طرق مُعْوَجّة بعيدة، ذات صعود وهبوط، في غاية من التوعّر حتى تصل إلى بيوتها، فتخزّن فيها أقواتها في وقت الإمكان، فإذا خزنتها عمدت إلى ما ينبت منها ففلقته فلقتين لئلا ينبت، فإن كان ينبت مع فَلْقه باثنتين فلقته بأربعة، فإذا أصابه بلل وخافت عليه العفن والفساد انتظرت به يومًا ذا شمس، فخرجت به فنشرته على أبواب بيوتها، ثم أعادته إليها، ولا تتغذى منها نملة على ما جمعه غيرها.

ويكفي في هداية النمل ما حكاه الله سبحانه في القرآن عن النملة التي سمع سليمان كلامها وخطابها لأصحابها بقولها: {يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [النمل: 18]، فاستفتحت خطابها بالنداء الذي يسمعه من خاطبته، ثم أتت بالاسم المبهم، ثم أتبعته بما بيَّنه من اسم الجنس إرادة للعموم، ثم أمرتهم بأن يدخلوا مساكنهم فيتحصنون من العسكر، ثم أخبرت عن سبب هذا الدخول، وهو خشية أن يصيبهم مَعَرّة الجيش (2)، فيحطمهم سليمان وجنوده، ثم اعتذرت عن نبي

الصفحة

229/ 490

مرحبًا بك !
مرحبا بك !