[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: ٢
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زاهر بن سالم بَلفقيه وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
والعبد هو الضاحك الباكي حقيقة، وتأويل الآية بخلاف ذلك إخراج للكلام عن ظاهره بغير موجِب. ولا منافاة بين ما يُذكر من تلك التأويلات وبين ظاهره؛ فإن إضحاك الأرض بالنبات، وإبكاء السماء بالمطر، وإضحاك العبد وإبكاءه بخلق آلات الضحك والبكاء له= لا ينافي حقيقة اللفظ وموضوعه ومعناه، من أنه جاعل الضحك والبكاء فيه، بل الجميع حق. فصل ومن ذلك قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا} [الرعد: 12]، ورؤية البرق أمر واقع باختيارهم، فالإراءة فعله، والرؤية فعلنا، ولا يُقال: إراءة البرق خَلْقه؛ فإنّ خَلْقه لا يُسمّى إراءة، ولا يستلزم رؤيتنا له، بل إراءتنا له جَعْلنا نراه، وذلك فعله سبحانه. ومن ذلك قول الخضر لموسى: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا} [الكهف: 82]، فبلوغ الأشُدّ ليس من فعلهما، واستخراج الكنز من أفعالهما الاختيارية، وقد أخبر أن كليهما بإرادته سبحانه. ومن ذلك قوله تعالى عن السحرة: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 102]، وليس إذنه ههنا أمره وشرعه، بل قضاؤه وقدره ومشيئته، فهو إذن كوني قدري، لا ديني أمري. فصل ومن ذلك قوله تعالى: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} [الفتح: 26]، وكلمة التقوى هي الكلمة التي يُتّقى الله بها، وأعلى أنواع هذه