
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٢)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: ٢
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زاهر بن سالم بَلفقيه وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وإن قلت: لم يبقَ في هذه الحال بيده من أمرها شيء، ولا هو متمكن منه؛ أصبت، بل قد حال بينه وبين ردها مَنْ يحول بين المرء وقلبه، ومن يقلب أفئدة المعاندين وأبصارهم.
وإذا أردت فهم هذا على الحقيقة فتأمل حال من عرضت له صورة بارعة الجمال، فدعاه حسنُها إلى محبتها، فنهاه عقله، وذكّره ما في ذلك من التلف والعطب، وأراه مصارع العشاق عن يمينه وعن شماله، ومن بين يديه ومن خلفه، فعاد يعاود النظر مرة بعد مرة، ويحث نفسه على التعلق وقوة الإرادة، ويحرض على أسباب المحبة، ويدني الوقود من النار، حتى إذا اشتعلت، وشبّ ضرامها، ورمت بشررها، وقد أحاطت به= طلب الخلاص، قال له القلب: هيهات لات حين مناص، وأنشده:
تولَّعَ بالعشق حتى عشقْ ... فلما استقلّ به لم يطِقْ
رأى لجّةً، ظنَّها موجة ... فلما تمكّن منها غرِقْ (1)
فكان الترك أولًا مقدورًا له، لمّا لم يوجد السبب التام والإرادة الجازمة الموجِبة للفعل، فلمّا تمكّن الداعي، واستحكمت الإرادة، قال المحب لعاذله:
يا عاذلي والأمر في يده ... هلّا عذلتَ وفي يدي الأمر (2)
فكان أول الأمر إرادة واختيارًا ومحبّة، ووسطه اضطرارًا، وآخره عقوبة