
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (23)]
حققه: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير- محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 649
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
والكتب (1)، وأنه اشتغل بتأليفها في حال سفره وبُعده عن وطنه، وهذا لا يدلُّ على أنه لم يستخدم الكتب أو مذكراته الخاصة بالنقول عن المصادر. فكل مؤلف أو باحث لا يتيسر له في كل وقتٍ الحصول على المراجع الضرورية للموضوع الذي يريد أن يكتب فيه، حتى ولو كان مستقرًّا في مكتبته ومقيمًا في بلده، فهو في بعض الأمور يعتمد على محفوظاته، مثل القرآن الكريم، والأحاديث المشهورة، والأبيات السائرة، والأمثال والحكم المأثورة، وبعض الأخبار والأحداث والقصص المعروفة، وأقوال السلف والأئمة في المسائل المختلفة، وبعض المتون المشهورة وغيرها من المعارف التي يُكثِر منها العلماء أو يُقِلِّون حسب رغبتهم وتخصصهم. وفي كثير من الأحيان يعتمد على الكتب إذا تيسَّرت، أو النصوص المقتبسة منها في مذكراته الخاصة.
وقول المؤلف في المقدمة لا ينفي أن تكون قد حصلت له بعض الكتب في حال بُعده عن وطنه، أو أنه استخدم بعض مذكراته التي اقتبس فيها النصوص والفوائد من المصادر المختلفة التي قرأها.
وعلى هذا فيمكن لنا أن نبحث عن موارده في الكتاب، ولسنا هنا بصدد الاستقصاء والتتبع لجميع المصادر التي استخدمها، فإن الفهارس العلمية في آخر الكتاب ستبيِّن أسماء جميع المؤلفين والكتب التي ورد
صغيرٍ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «آذنْ من حولك» فكانت تلك وليمةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صفية، ثم خرجنا إلى المدينة، فرأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُحَوِّي لها وراءه بعباءةِ، ثم يجلس عند بعيره فيضعُ ركبته، فتضعُ صفيةُ رجلها عند ركبته حتى تركب.
وعند أبي داود (1) في هذه القصَّة قال: وقع في سهم دِحية جاريةٌ جميلةٌ، فاشتراها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبعة أرْؤُس، ثمَّ دفعها إلى أُم سُليم، تُصنِّعُها، وتهيئُها، وتعتدُّ في بيتها، وهي صفية بنتُ حُيَيٍّ.
وقال أبو عبيدة (2): حجَّ عبد الملك بنُ مروان ومعه خالد بن يزيد بن معاوية، وكان خالد هذا من رجال قريش المعدودين، وكان عظيم القدر عند عبد الملك، فبينا هو يطوفُ بالبيت، إذ بَصُرَ برملة بنت الزُّبير بن العوام، فعشقها عشقًا شديدًا، ووقعت بقلبه وقوعًا متمكِّنًا، فلما أراد عبد الملك القُفُول؛ همَّ خالدٌ بالتخلُّف عنه، فوقع بقلب عبد الملك تهمة، فبعث إليه، فسأله عن أمره، فقال: يا أمير المؤمنين! رملةُ بنت الزُّبير، رأيتها تطوفُ بالبيت، فأذهلت عقلي، والله ما أبديتُ إليك ما بي حتى عِيلَ صبري، ولقد عرضتُ النوم على عيني، فلم تقبله، والسُّلُوَّ على قلبي، فامتنع منه. فأطال عبد الملك التَّعجُّبَ من ذلك، وقال: ما