روضة المحبين ونزهة المشتاقين

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

7524 9

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (23)]
حققه: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير- محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 649
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فهذا كتاب «روضة المحبين ونزهة المشتاقين» للإمام ابن قيم الجوزية، نقدِّمه إلى القراء في طبعة جديدة بالاعتماد على أقدم نسخة خطية وصلت إلينا منه، وتصحيح كثير من الأخطاء الواردة في طبعاته المختلفة. وقد بذلنا جهدًا كبيرًا في مراجعة النصوص والأخبار والأشعار الواردة فيه، وتخريجها من المصادر التي نقل عنها المؤلف، وضبط الشعر وإصلاح الخلل الواقع فيه، وتقويم النصّ في ضوء ما توفَّر لدينا من المراجع.
وهذا الكتاب ـ كما سيأتي ـ أفضل الكتب التي ألِّفت في موضوع الحبِّ، أورد فيه المؤلف من الفوائد العلمية والتنبيهات والنكت والمناقشات ما لا نجده في كتاب آخر في هذا الباب، وانتقى فيه الأخبار والأشعار، ونزّهه عن الفحش والمجون وما يُخِلّ بالآداب الإسلامية، وإذا ورد شيء من ذلك فهو نادر.
وهذه فصول أقدِّمها بين يدي الكتاب ليكون القراء على دراية بالكتاب ومنهج مؤلفه، أتحدث فيها عما يخصّ الكتاب من نواحٍ مختلفة.

الصفحة

5/ 35

الباب العاشر في ذكر حقيقة العشق وأوصافه [52 ب] وكلام النَّاس فيه (1) فالَّذي عليه الأطباء قاطبةً: أنَّه مرض وَسْوَاسي شبيهٌ بالماليخوليا، يَجْلِبُهُ المرءُ إلى نفسه بتسليط فكره على استحسانِ بعض الصُّور والشمائل، وسببُه النفسانيُّ: الاستحسانُ والفكر، وسببُه البَدَنيُّ: ارتفاعُ بخارٍ رديءٍ إلى الدِّماغ من مَنِيٍّ مُحْتَقِنٍ، ولذلك أكثر ما يعتري العُزَّاب، وكثرةُ الجماع تزيلهُ بسرعة.
وقال بعضُ الفلاسفة (2): العشق طمعٌ يتولَّد في القلب، ويتحرَّك، ويَنْمي، ثم يَتربَّى، وتجتمعُ إليه موادُّ من الحرص، وكلَّما قويَ؛ ازداد صاحبُه في الاهتياج واللَّجاج والتَّمادي في الطمع والحرص على الطَّلب، حتى يؤديه ذلك إلى الغمّ والقلق (3)، ويكون احتراقُ الدَّم عند ذلك باستحالته إلى السوداء، والتهاب الصَّفراء، وانقلابها إليها. ومن غلبَتْهُ السَّوداء يحصُلُ له فساد الفكر، ومع فساد الفكر يكون زوالُ العقل، ورجاءُ ما لا يكون، وتمنِّي ما لا يتمّ، حتى يؤدِّيَ ذلك إلى

الصفحة

210/ 649

مرحباً بك !
مرحبا بك !