روضة المحبين ونزهة المشتاقين

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

7505 9

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (23)]
حققه: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير- محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 649
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فهذا كتاب «روضة المحبين ونزهة المشتاقين» للإمام ابن قيم الجوزية، نقدِّمه إلى القراء في طبعة جديدة بالاعتماد على أقدم نسخة خطية وصلت إلينا منه، وتصحيح كثير من الأخطاء الواردة في طبعاته المختلفة. وقد بذلنا جهدًا كبيرًا في مراجعة النصوص والأخبار والأشعار الواردة فيه، وتخريجها من المصادر التي نقل عنها المؤلف، وضبط الشعر وإصلاح الخلل الواقع فيه، وتقويم النصّ في ضوء ما توفَّر لدينا من المراجع.
وهذا الكتاب ـ كما سيأتي ـ أفضل الكتب التي ألِّفت في موضوع الحبِّ، أورد فيه المؤلف من الفوائد العلمية والتنبيهات والنكت والمناقشات ما لا نجده في كتاب آخر في هذا الباب، وانتقى فيه الأخبار والأشعار، ونزّهه عن الفحش والمجون وما يُخِلّ بالآداب الإسلامية، وإذا ورد شيء من ذلك فهو نادر.
وهذه فصول أقدِّمها بين يدي الكتاب ليكون القراء على دراية بالكتاب ومنهج مؤلفه، أتحدث فيها عما يخصّ الكتاب من نواحٍ مختلفة.

الصفحة

5/ 35

عليه الأجرَ، وجعله صدقةً لفاعله، فقال: «وفي بُضْعِ أحدِكُمْ صدَقَةٌ» (1).
ومن تراجم النَّسائي على هذا: الترغيب في المُباضعة، ثم ذكر هذا الحديث، ففي هذا كمال اللذَّة، وكمال الإحسان إلى الحبيبة، وحصول الأجر، وثواب الصدقة، وفرح النفس، وذهاب أفكارها الرديئة عنها، وخفَّةُ الرُّوح، وذهابُ كثافتها وغِلَظها، وخفَّةُ الجسم، واعتدالُ المزاج، وجلبُ الصِّحة، ودفع الموادِّ الرديئة، فإن صادف ذلك وجهًا حسنًا، وخُلقًا دَمِثًا، وعشقًا وافرًا، ورغبةً تامةً، واحتسابًا للثواب؛ فذلك اللذَّة التي لا يُعادلها شيءٌ، ولاسيَّما إذا وافقتْ كمالها، فإنَّها [82 أ] لا تكمل حتى يأخذَ كلُّ جزءٍ من البدن بِقسْطه من اللَّذَّة، فتلتذُّ العين بالنَّظر إلى المحبوب، والأُذُن بسماع كلامه، والأنفُ بشمِّ رائحته، والفم بتقبيله، واليد بلمسه، وتعتكفُ كلُّ جارحةٍ على ما تطلبُه من لذَّتها، وتُقابله من المحبوب؛ فإن فُقِدَ من ذلك شيءٌ، لم تزل النفسُ متطلِّعةً إليه، متقاضيةً له، فلا تسكُن كلَّ السُّكون.
ولذلك تسمَّى المرأة سكنًا؛ لسكون النفس إليها، قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} [الروم/21].
ولذلك فُضِّلَ جماعُ النهار على جماع الليل، ولسببٍ آخر طبيعي، وهو أن الليلَ وقتٌ تبرُد فيه الحواسُّ،، وتطلبُ حظَّها من السُّكون،

الصفحة

316/ 649

مرحباً بك !
مرحبا بك !