روضة المحبين ونزهة المشتاقين

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

7534 9

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (23)]
حققه: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير- محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 649
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فهذا كتاب «روضة المحبين ونزهة المشتاقين» للإمام ابن قيم الجوزية، نقدِّمه إلى القراء في طبعة جديدة بالاعتماد على أقدم نسخة خطية وصلت إلينا منه، وتصحيح كثير من الأخطاء الواردة في طبعاته المختلفة. وقد بذلنا جهدًا كبيرًا في مراجعة النصوص والأخبار والأشعار الواردة فيه، وتخريجها من المصادر التي نقل عنها المؤلف، وضبط الشعر وإصلاح الخلل الواقع فيه، وتقويم النصّ في ضوء ما توفَّر لدينا من المراجع.
وهذا الكتاب ـ كما سيأتي ـ أفضل الكتب التي ألِّفت في موضوع الحبِّ، أورد فيه المؤلف من الفوائد العلمية والتنبيهات والنكت والمناقشات ما لا نجده في كتاب آخر في هذا الباب، وانتقى فيه الأخبار والأشعار، ونزّهه عن الفحش والمجون وما يُخِلّ بالآداب الإسلامية، وإذا ورد شيء من ذلك فهو نادر.
وهذه فصول أقدِّمها بين يدي الكتاب ليكون القراء على دراية بالكتاب ومنهج مؤلفه، أتحدث فيها عما يخصّ الكتاب من نواحٍ مختلفة.

الصفحة

5/ 35

الثالث: حصولُ ضدِّه المؤلم له.
فليتأمل العاقلُ هذا الموضع، وليُنْزِل نفسه منزلة من قد فاته أعظمُ محبوب، وأنفعُه، وهو أفقرُ شيءٍ، وأحوجُهُ إليه فواتًا لا يُرْجى تدارُكُه. وحصل على ضِدِّه، فيا لها من مصيبةٍ ما أوجعَها! وحالةٍ ما أفْظعها! فأين هذه الحال من حالة من يلتذُّ في الدُّنيا بكل ما يقصد به وجه الله سبحانه وتعالى من الأكل، والشُّرب، واللِّباس، [60 ب] والنكاح، وشفاء الغيظ بقهر العدو، وجهادٍ في سبيله؟! فضلًا عمَّا يلتذُّ به من معرفة ربه، وحبِّه له، وتوحيده، والإنابة إليه، والتوكُّل عليه، والإقبال عليه، وإخلاص العمل له، والرِّضا به، وعنه، والتفويض إليه، وفرح القلب وسروره بقربه، والأنس به، والشوق إلى لقائه، كما في الحديث الذي صحَّحه ابن حِبَّان، والحاكم: «وأسألُك لذَّة النَّظرِ إلى وجْهِكَ، والشوق إلى لِقَائِكَ» (1).
وهذه اللذَّةُ لا تزال في الدُّنيا في زيادةٍ مع تنغيصها بالعدوِّ الباطن من الشيطان، والهوى، والنَّفس، والدُّنيا، والعدوِّ الظاهر، فكيف إذا تجرَّدت الروح، وفارقت دار الأحزان والآفات، واتَّصلت بالرفيق الأعلى {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا} [النساء/ 69 ــ 70].

الصفحة

239/ 649

مرحباً بك !
مرحبا بك !