روضة المحبين ونزهة المشتاقين

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

7554 9

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (23)]
حققه: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير- محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 649
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فهذا كتاب «روضة المحبين ونزهة المشتاقين» للإمام ابن قيم الجوزية، نقدِّمه إلى القراء في طبعة جديدة بالاعتماد على أقدم نسخة خطية وصلت إلينا منه، وتصحيح كثير من الأخطاء الواردة في طبعاته المختلفة. وقد بذلنا جهدًا كبيرًا في مراجعة النصوص والأخبار والأشعار الواردة فيه، وتخريجها من المصادر التي نقل عنها المؤلف، وضبط الشعر وإصلاح الخلل الواقع فيه، وتقويم النصّ في ضوء ما توفَّر لدينا من المراجع.
وهذا الكتاب ـ كما سيأتي ـ أفضل الكتب التي ألِّفت في موضوع الحبِّ، أورد فيه المؤلف من الفوائد العلمية والتنبيهات والنكت والمناقشات ما لا نجده في كتاب آخر في هذا الباب، وانتقى فيه الأخبار والأشعار، ونزّهه عن الفحش والمجون وما يُخِلّ بالآداب الإسلامية، وإذا ورد شيء من ذلك فهو نادر.
وهذه فصول أقدِّمها بين يدي الكتاب ليكون القراء على دراية بالكتاب ومنهج مؤلفه، أتحدث فيها عما يخصّ الكتاب من نواحٍ مختلفة.

الصفحة

5/ 35

بأدناهما، فإنه لما شكا إليه أنَّها لا ترُدُّ يدَ لامسٍ؛ أمرَه بطلاقها، فلمَّا أخبرَه عن حبِّها وأنَّه يخافُ ألاَّ يصبِرَ عنها، ولعلَّ حبَّه لها يدعوه إلى معصيةٍ؛ أمره أن يمسكها؛ مداواةً لقلبه، ودفعًا للمفسدة التي يخافُها باحتمال المفسدة التي يشتكي منها.
وأجاب أبو عبيد عنه بأنّها كانت لا ترُدُّ يدَ لامسٍ يطلبُ منها العطاء، فكانت لا تَرُدُّ يد من سألها شيئًا من مال الزَّوج، ورُدَّ عليه هذا التأْويل بأنَّه لا يُقال لطالب العطاء: لامسٌ، وإنَّما يقال له: ملتمسٌ. وأجابت طائفة أُخرى عنه بأنَّ طريان المعصية على النكاح لا تُوجب فساده. وقال النَّسائيُّ: هذا الحديث مُنكر.
وعندي أنَّ له وجهًا غيرَ هذا كلِّه، فإنَّ الرَّجل لم يشكُ من المرأة أنَّها تزني بكلِّ مَنْ أراد ذلك منها، ولو [50 أ] سألَ عن ذلك لما أقرَّه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يقيم مع بَغِيٍّ، ويكون زوج بَغيٍّ دَيُّوثًا، وإنَّما شكا إليه أنَّها لا تجذِبُ نفسها مِمَّن لاعبَها، ووضع يده عليها، أو جذبَ ثوبها، ونحو ذلك، فإنَّ من النِّساء من تلين عند الحديث واللَّعب ونحوه. وهي حَصانٌ عفيفةٌ إذا أُريد منها الزنى، وهذا كان عادة كثيرٍ من نساء العرب، ولا يَعُدُّون ذلك عيبًا، بل كانوا في الجاهلية يرون للزَّوج النِّصفَ الأسفلَ، وللعشيق النصف الأعلى (1).

الصفحة

201/ 649

مرحباً بك !
مرحبا بك !