[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (23)]
حققه: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير- محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 649
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فهذا كتاب «روضة المحبين ونزهة المشتاقين» للإمام ابن قيم الجوزية، نقدِّمه إلى القراء في طبعة جديدة بالاعتماد على أقدم نسخة خطية وصلت إلينا منه، وتصحيح كثير من الأخطاء الواردة في طبعاته المختلفة. وقد بذلنا جهدًا كبيرًا في مراجعة النصوص والأخبار والأشعار الواردة فيه، وتخريجها من المصادر التي نقل عنها المؤلف، وضبط الشعر وإصلاح الخلل الواقع فيه، وتقويم النصّ في ضوء ما توفَّر لدينا من المراجع.
وهذا الكتاب ـ كما سيأتي ـ أفضل الكتب التي ألِّفت في موضوع الحبِّ، أورد فيه المؤلف من الفوائد العلمية والتنبيهات والنكت والمناقشات ما لا نجده في كتاب آخر في هذا الباب، وانتقى فيه الأخبار والأشعار، ونزّهه عن الفحش والمجون وما يُخِلّ بالآداب الإسلامية، وإذا ورد شيء من ذلك فهو نادر.
وهذه فصول أقدِّمها بين يدي الكتاب ليكون القراء على دراية بالكتاب ومنهج مؤلفه، أتحدث فيها عما يخصّ الكتاب من نواحٍ مختلفة.
وقال أبو الهُذَيْل العَلَّاف (1): لا يجوز في دَوْر الفلك، ولا في تركيب الطبائع، ولا في الواجب، ولا في المُمكن أن يكونَ محبٌّ ليس لمحبوبه إليه ميلٌ، وإلى هذا المذهب ذهبَ أبو العباس الناشئ حيث يقول (2): عيناكِ شاهِدَتان أنَّكِ مِن ... حَرِّ الهَوى تجدينَ ما أجِدُ بكِ ما بِنا لكنْ على مَضضٍ ... تتَجَلَّدِينَ ومَا بِنَا جَلَدُ
وقال أبو عُيَيْنَة (3): تبيتُ بنا تَهْذِي وأَهْذِي بذكرِها ... كِلانا يُقاسي اللَّيل وهو مُسهَّدُ وما رَقدت إلا رأتني ضَجِيعَها ... كذاك أراها في الكرى حين أرقُدُ تُقِرُّ بذنبي حين أغفُو ونلتقي ... وأسألُها يقظان عنه فتجحدُ كلانا سواءٌ في الهوى غير أنَّها ... تجلَّدُ أحيانًا وما لي تجلُّدُ
وقال عُرْوَةُ بن أُذيْنة (4):