مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

6489 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

المقدمة وأحال عليه في تلك المواضع، فكفَّ قلمه بعد أن أرخى له الطِّوَل،

واختار أن يجعل الكتاب خالصًا للقسم الأول، وهو العلم وما يتصلُ به، فختم الكتاب بقوله: "وليكن هذا آخر الكتاب ... "! وكأنه رأى أن يدع موضوع القسم الثاني لكتابٍ آخر قائم برأسه، فعاد إلى مقدمة الكتاب فألحق بها ــ عند موضع ذكر بناء الكتاب على تينك القاعدتين ــ قوله: "ثم نتبعه إن شاء الله بعد الفراغ منه كتابًا في الكلام على المحبة وأقسامها وأحكامها وفوائدها وثمراتها وأسبابها وموانعها وما يقويها وما يضعفها، والاستدلال بسائر طرق الأدلة من النقل والعقل والفطرة والقياس والاعتبار والذوق والوجد على تعلُّقها بالإله الحق الذي لا إله غيره، بل لا ينبغي أن تكون إلا له ومن أجله، والرد على من أنكر ذلك وتبيين فساد قوله عقلًا ونقلًا وفطرةً وقياسًا وذوقًا ووجدًا".
ولعل ذلك الكتاب هو "المورد الصافي والظلُّ الضافي"، أو "قرة عيون المحبين وروضة العارفين"، كما بينتُ في تعليقي هناك.
فانظر الآن كيف وقع له ذاك الاستطراد الطويل الغريب! * افتتح القسم الأول المتعلق بالعلم وشرفه بذكر الوجوه الدالة على ذلك، وحين انتهى إلى الوجه الثالث والخمسين بعد المئة، وهو ما ثبت عن بعض

السَّلف أنه قال: "تفكُّرُ ساعةٍ خيرٌ من عبادة ستِّين سنة"، استطرد إلى الكلام في التفكر ومتعلَّقه ومجاريه، ثم استرسل في فصولٍ كثيرة في بيان عجيب خلق الله وباهر صنعه وتدبيره في خلقه! فهذا موضوعٌ مستقلٌّ كان الأليقُ إفراده بتصنيفٍ خاص، ولابن القيم به عنايةٌ واحتفالٌ في كتبه، خاصة "شفاء العليل"، و"أيمان القرآن"، فلو جمعت

الصفحة

24/ 107

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله الذي سَهَّل لعباده المتقين إلى مرضاته سبيلا، وأوضحَ لهم طريقَ الهداية وجعل اتباعَ الرسول عليها دليلا، واتَّخذهم عبيدًا (1) له فأقرُّوا له بالعبودية ولم يتَّخذوا من دونه وكيلا، وكتَب في قلوبهم الإيمانَ وأيَّدهم برُوحٍ منه، لمَّا رضوا بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ رسولا.
والحمدُ لله الذي أقام في أزمنة الفَتَرات من يكونُ ببيان سُنن المرسلين كفيلا، واختصَّ هذه الأمةَ بأنه لا تزالُ فيها طائفةٌ على الحقِّ لا يضرُّهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمرُه ولو اجتَمع الثقلان على حربهم قَبِيلا.
يَدْعُون من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويبصِّرون بنور الله أهلَ العمى، ويُحْيُون بكتابه الموتى؛ فهم أحسنُ الناس هديًا وأقومُهم قِيلا.
فكم مِنْ قتيلٍ لإبليس قد أحْيَوْه، ومِنْ ضالٍّ جاهلٍ لا يعلمُ طريقَ رُشْدِه قد هَدَوْه، ومِنْ مبتدعٍ في دين الله بشُهب الحقِّ قد رَمَوْه؛ جهادًا في الله، وابتغاءَ مرضاته، وبيانًا لحُجَجه على العالمين وبيِّناته، وطلبًا للزلفى لديه ونَيل رضوانه وجناته، فحارَبوا (2) في الله من خرج عن دينه القويم، وصراطه المستقيم، الذين عَقَدوا ألويةَ البدعة، وأطلقوا أعِنَّةَ الفتنة، وخالفوا الكتاب،

الصفحة

3/ 1603

مرحبًا بك !
مرحبا بك !