مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

10909 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

وقال تعالى:

{وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} [الأنعام: 130]

؛ فهذا في حكم الوجوب والتَّحريم على العباد قبل البعثة.
وأمَّا انتفاءُ الوجوب والتحريم على من له الخلقُ والأمرُ ولا يُسألُ عمَّا يفعَل؛ فمن وجوهٍ متعدِّدة: أحدها: أنَّ الوجوبَ والتَّحريمَ في حقِّه سبحانه غيرُ معقولٍ على الإطلاق، وكيف يُعْلَمُ أنه سبحانه يجبُ عليه أن يَمْدَحَ ويَذُمَّ ويثيبَ ويعاقِب على الفعل بمجرَّد العقل؟ وهل ذلك إلا مغيَّبٌ (1) عنَّا؟ فبم نَعْرِفُ (2) أنه رَضِيَ عن فاعلٍ وسَخِط على فاعل، وأنه يثيبُ هذا ويعاقِبُ هذا، ولم يخبر عنه بذلك مخبرٌ صادق، ولا دلَّ على مواقع رضاه وسخطه عقل، ولا أخبَر عن محكومه ومَعْلُومه مخبر؟! فلم يَبْق إلا قياسُ أفعاله على أفعال عبادِه، وهو مِنْ أفسد القياس وأعظمه بطلانًا؛ فإنه تعالى كما أنه ليس كمثله شيءٌ في ذاته ولا في صفاته، فكذلك ليس كمثله شيءٌ في أفعاله، وكيف يقاسُ على خلقه في أفعاله فيحسُن منه ما يحسُن منهم، ويقبُح منه ما يقبُح منهم، ونحن نرى كثيرًا من الأفعال تقبُح منَّا وهي حسنةٌ منه تعالى، كإيلام الأطفال والحيوان، وإهلاك من لو أهلكناه نحن لقبُح منَّا من الأموال والأنفس، وهو منه تعالى مستحسنٌ غيرُ مستقبَح، وقد سئل بعض العلماء عن ذلك (3)، فأنشَد السَّائلَ:

الصفحة

990/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !