مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

6834 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

فإن قلتم: لعلَّ في ضمن الإغراق والإهلاك سرًّا لم نطَّلع عليه، وغرضًا لم نَصِل إليه، فقدِّروا مثلَه في ترك إنقاذنا نحن للغَرقى، بل في إهلاكنا لمن نُهْلِكه، والفعلان من حيث الصِّفات النَّفسية واحدٌ (1) عقلًا وشرعًا.
فإنه سبحانه لا يتضرَّرُ بمعصية العبد، ولا ينتفعُ بطاعته، ولا تتوقَّفُ قدرتُه في الإحسان إلى العبد على فعلٍ يصدُر من العبد، بل كما أنعَم عليه ابتداءً بأجزل المواهب وأفضل العطايا، مِنْ حُسْن الصُّورة، وكمال الخِلقة، وقوام البِنْية، وإعداد الآلة، وإتمام الأداة، وتعديل القامة (2)، وما متَّعه من أرواح الحياة، وفضَّله به من حياة الأرواح، وما أكرمه به من قبول العلم، وهداه إلى معرفته التي هي أسنى جوائزه؛

{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34]

= فهو سبحانه أقدَر على الإنعام عليه دوامًا.
فكيف يوجبُ على العبد عبادةً شاقَّةً في الحال لارتقاب ثوابٍ في ثاني الحال؟! أليس لو ألقى إليه زمام الاختيار حتى يفعل ما يشاء، جريًا على رسُوم طبعه (3) المائل إلى لذيذ الشهوات، ثمَّ أجزل له في العطاء من غير حساب؛ كان ذلك أروَحَ للعبد، ولم يكن قبيحًا عند العقل؟! فقد تعارض الأمران: أحدهما: أن يكلِّفهم، فيأمر ويَنهى حتى يُطاع ويُعصى، ثمَّ يثيبهم

الصفحة

983/ 1603

مرحبًا بك !
مرحبا بك !