مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

14734 6

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

وكذلك كلُّ ما نسخَه تعالى من الشَّرع، بل الشريعةُ الواحدةُ كلُّها لا تخرجُ عن هذا، وإن خفي وجهُ المصلحة والمفسدة فيه على أكثر الناس.
وكذلك إباحةُ الغنائم، كان قبيحًا في حقِّ من قبلنا؛ لئلَّا تحملهم إباحتُها على القتال لأجلها والعمل لغير الله، فتفوتَ عليهم مصلحةُ الإخلاص التي هي أعظمُ المصالح، فحمى أحكمُ الحاكمين جانبَ هذه المصلحة العظيمة بتحريمها عليهم؛ ليتمحَّض (1) قتالهم لله لا للدُّنيا؛ فكانت المصلحةُ في حقِّهم تحريمَها عليهم، ثمَّ لما أوجَد هذه الأمَّة (2) التي هي أكملُ الأمم عقولًا، وأرسخُهم إيمانًا، وأعظمُهم توحيدًا (3) وإخلاصًا، وأرغبُهم في الآخرة، وأزهدُهم في الدُّنيا= أباح لهم الغنائم، وكانت إباحتُها حسنةً بالنسبة إليهم وإن كانت قبيحةً بالنسبة إلى من قبلهم؛ فكانت كإباحة الطَّبيب اللَّحمَ للصَّحيح الذي لا يخشى عليه من مضرَّته، وحِمْيَته منه للمريض المَحْموم.
وهذا الحكمُ فيما شُرِع في الشريعة الواحدة في وقتٍ ثمَّ نُسِخ في وقتٍ آخر، كالتَّخيير في الصَّوم في أوَّل الإسلام بين الإطعام وبينه، لمَّا كان غير مألوفٍ لهم ولا معتاد، والطِّباعُ تأباه، إذ هو هجرُ مألوفها ومحبوبها، ولم تَذُق بعدُ حلاوتَه وعواقبه المحمودة وما في طيِّه من المصالح والمنافع، وخيِّرت بينه وبين الإطعام، ونُدِبَت إليه، فلمَّا عَرَفَت علَّته (4) وألِفَتْهُ، وعرفت

الصفحة

930/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !