مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

6596 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

الحيوان، فلو تجرَّد عنها لم يكن إنسانًا، بل كان مَلَكًا أو خلقًا آخر.
وليست آلامُ الأطفال بأصعبَ من آلام البالغين، لكن لمَّا صارت لهم عادةً سهُل موقعُها عندهم، وكم بين ما يقاسيه الطفلُ ويعانيه البالغُ العاقل! وكلُّ ذلك مِنْ مقتضى الإنسانيَّة ومُوجَب الخِلقة، فلو لم يُخْلَق كذلك لكان خَلْقًا آخر، أفترى أنَّ الطفل إذا جاع أو عطش أو بَرَد أو تَعِب قد خُصَّ من ذلك بما لم يُمتَحن به الكبير؟! فإيلامُه بغير ذلك من الأوجاع والأسقام كإيلامه بالجوع والعطش والبرد والحرِّ أو دون ذلك (1) أو فوقه، وما خُلِق الإنسانُ بل الحيوانُ إلا على هذه النشأة.
قالوا: فإن سأل سائلٌ وقال: فلِمَ خُلِق كذلك؟ وهلَّا خُلِق خِلقةً غير قابلةٍ للألم؟ فهذا سؤالٌ فاسد؛ فإنَّ الله تعالى خلقه في عالم الابتلاء والامتحان من مادَّةٍ ضعيفة، فهي عُرضةٌ للآفات، وركَّبه تركيبًا معرَّضًا لأنواعٍ من الآلام (2)، وجعل فيه الأخلاط الأربعة التي لا قِوام له إلا بها (3)، ولا يكونُ إلا عليها، وهي لا محالة توجبُ امتزاجًا واختلاطًا وتفاعُلًا يبغي بعضها على بعضٍ بكيفيَّته تارة، وبكميَّته تارة، وبهما تارة، وذلك مُوجِبٌ للآلام قطعًا (4)، ووجودُ الملزوم بدون لازمه محال.

الصفحة

780/ 1603

مرحبًا بك !
مرحبا بك !