مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

10295 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

ويستمالُ به القلوبُ، ويؤلَّفُ (1) بين المتباغضين، ويُوالى بين المتعاديين، ومنه ما هو بضدِّ ذلك، ومنه الكلمةُ التي لا يلقي لها صاحبُها بالًا يهوي بها في النَّار أبعدَ ما بين المشرق والمغرب، والكلمةُ التي لا يلقي لها بالًا صاحبُها يَرْكُض بها في أعلى عِلِّيِّين في جوار ربِّ العالمين.
فسبحان من أنشأ ذلك كلَّه من هواءٍ ساذَجٍ يخرجُ من الصَّدر، لا يدري ما يرادُ به، ولا أين ينتهي، ولا إلى أين مستقرُّه! هذا إلى ما في ذلك من اختلاف الألسنة واللُّغات التي لا يحصيها إلا الله عزَّ وجل، فيجتمعُ الجمعُ من النَّاس من بلادٍ شتَّى فيتكلَّمُ كلٌّ منهم بلُغَته، فتسمعُ لغاتٍ مختلفةً (2) وكلامًا منتظمًا مؤلَّفًا، ولا يدرِكُ كلٌّ منهم ما يقولُ الآخر.
واللسانُ الذي هو جارحةٌ واحدٌ في الشَّكل والمنظر، وكذلك الحلقُ والأضراسُ والشَّفتان، والكلامُ مختلفٌ متفاوتٌ أعظمَ اختلاف (3)، فالآيةُ في ذلك كالآية في الأرض التي تسقى بماءٍ واحد، ويخرجُ من ذلك من أنواع النَّبات والأزهار والحبوب والثمار تلك الأنواعُ المختلفةُ المتباينة.

ولهذا أخبر الله سبحانه في كتابه أنَّ في كلٍّ منهما آياتٍ (4)؛ فقال تعالى:

{وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ

الصفحة

763/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !