[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
فأراد سبحانه أن يُذِيقَه وولدَه من تعب الدُّنيا وغمومها وهمومها وأوصابها ما يَعْظُمُ به عندهم مقدارُ دخولهم إليها في الدار الآخرة؛ فإنَّ الضدَّ يُظْهِرُ حُسْنَه الضدُّ، ولو تربَّوا في دار النعيم لم يعرفوا قَدْرَها.
* وأيضًا؛ فإنه سبحانه أراد أمرَهم ونهيَهم، وابتلاءهم واختبارهم، وليست الجنةُ دارَ تكليف؛ فأهبطَهم إلى الأرض، وعَرَّضهم بذلك لأفضل الثواب (1) الذي لم يكن ليُنال بدون الأمر والنَّهي.
* وأيضًا؛ فإنه سبحانه أراد أن يتخذ منهم أنبياء ورسلًا، وأولياء وشهداء، يحبُّهم ويحبُّونه، فخلَّى بينهم وبين أعدائه، وامتحنَهم بهم، فلمَّا آثروه وبذلوا نفوسَهم وأموالَهم في مرضاته ومحابِّه نالوا من محبَّته ورضوانه والقُرْب منه ما لم يكن ليُنال بدون ذلك أصلًا؛ فدرجةُ الرسالة والنبوَّة والشَّهادة والحبِّ فيه والبغض فيه وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه عنده من أفضل الدَّرجات، ولم يكن يُنالُ هذا (2) إلا على الوجه الذي قَدَّرَه وقضاه مِنْ إهباطه إلى الأرض وجَعْلِ معيشة أولاده فيها.
* وأيضًا؛ فإنه سبحانه له الأسماءُ الحسنى؛ فمِن أسمائه: الغفور، الرحيم، العَفُوُّ، الحليم، الخافض، الرافع، المُعِزُّ، المُذِلُّ، المُحْيِي، المميت، الوارث، الصَّبور (3)؛ ولا بدَّ من ظهور أثر هذه الأسماء؛ فاقتضت