{وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا}
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
فقلتُ لهم: ظُنُّوا بألفَيْ مقاتلٍ ... سَراتُهمُ في الفارسيِّ المُسَرَّد أي: استيقِنوا بهذا العدد.
وأبى ذلك طائفة، وقالوا: لا يكونُ اليقينُ إلا للعلم.
وأمَّا الظن، فمنهم من وافق على أنه يكونُ بمعنى العلم.
ومنهم من قال: لا يكون (1) الظنُّ في موضع اليقين. وأجابوا عمَّا احتجَّ به من جوَّز ذلك بأن قالوا: هذه المواضعُ التي زعمتم أنَّ الظنَّ وقع فيها موقعَ اليقين كلُّها على بابها؛ فإنَّا لم نجد ذلك إلا في علمٍ بمُغيَّب، ولم نجدهم يقولون لمن رأى الشيء: «أظنُّه»، ولمن ذاقه: «أظنُّه»، وإنما يقالُ لغائبٍ قد عُرِفَ بالسَّمع والعقل (2)، فإذا صار إلى المشاهدة امتنع إطلاقُ الظنِّ عليه.
قالوا: وبين العِيان والخبر مرتبةٌ متوسِّطةٌ باعتبارها أُوقِعَ على العلم بالغائب الظنُّ؛ لفقد الحال التي تحصل لِمُدْرِكه بالمشاهدة.
وعلى هذا أُخرِجَت (3) سائرُ الأدلَّة التي ذكرتموها.
ولا يَرِدُ على هذا قولُه:
{وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا}
لأن الظنَّ إنما وقع على مُواقَعَتها (4)، وهي غيبٌ حال الرؤية، فإذا واقعوها لم يكن ذلك ظنًّا، بل حقُّ يقين.