[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
مثالُه (1): لذَّةُ الأكل؛ فإنَّ العاقلَ لو نظر إلى طعامه حال مخالطته ريقَه وعَجْنِه به لنفرت نفسُه منه، ولو سقطت تلك اللقمةُ مِنْ فِيه لنفَر طبعُه من إعادتها إليه.
ثمَّ إنَّ لذَّته به إنما تحصُل في مجرى نحو الأربع الأصابع المريء، وإنما سمِّي بذلك لمروء
الطعام فيه، وهو انسياغه، كما في «الكشاف» (1/ 502). وفسِّر قوله:
{فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} في أحد القولين بأنه: أسرعُ انحدارًا عن المَرِيء؛
لسهولته وخفَّته عليه. انظر: «زاد المعاد» (4/ 231)." data-margin="2">(2)، فإذا فُصِل عن ذلك المجرى زال تلذُّذُه به، فإذا استقرَّ في مَعِدته وخالطه الشرابُ وما في المعدة من الأجزاء الفَضْلِيَّة، فإنه حينئذٍ يصيرُ في غاية الخِسَّة (3)، فإن زاد على مقدار الحاجة أورثَ الأدواءَ المختلفة على تنوُّعها، ولولا أنَّ بقاءه موقوفٌ على تناول (4) الغذاء لكان تركُه ــ والحالةُ هذه ــ أليقَ به، كما قال بعضهم: لولا قضاءٌ جَرى نزَّهتُ أُنمُلتي ... عن أن تُلِمَّ بمأكولٍ ومشروبِ (5) وأمَّا لذَّةُ الوِقاع، فقَدْرُها أبينُ من أن تُذْكَر آفاتُه، ويدلُّ عليه أنَّ أعضاء هذه اللذَّة هي عورةُ الإنسان التي يستحيي من رؤيتها وذِكْرها، وسترُها أمرٌ فطر الله عليه عبادَه، ولا تتمُّ لذَّةُ المواقَعة إلا بالاطلاع عليها وإبرازها،