مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

10538 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

وقالت طائفةٌ أخرى: معنى الحديث: إخبارُه - صلى الله عليه وسلم - عن الأسباب المثيرة للطِّيَرة الكامنة في الغرائز، يعني: أنَّ المثيرَ للطِّيَرة في غرائز الناس هي هذه الثلاثة، فأخبَرنا بها لنأخُذ الحذرَ منها، فقال:

«الشُّؤم في الدار والمرأة والفرس»

، أي: أنَّ الحوادثَ التي تكثرُ مع هذه الأشياء (1)، والمصائبَ التي تتوالى عندها، تقودُ الناسَ إلى التشاؤم بها، فقال: «الشُّؤم فيها»، أي: أنَّ الله قد يقدِّره فيها على قومٍ دون قوم.
فخاطَبهم - صلى الله عليه وسلم - بذلك لِمَا استقرَّ عندهم منه - صلى الله عليه وسلم - من إبطال الطِّيَرة وإنكار العدوى، ولذلك لم يستفهموه في ذلك عن معنى ما أراده - صلى الله عليه وسلم -، كما تقدَّم لهم في قوله:

«لا يوردُ المُمْرِضُ على المُصِحِّ» (2)

، فقالوا عنده: وما ذاك يا رسول الله؟

فأخبرهم أنه خافَ في ذلك الأذى الذي يُدْخِلُه المُمْرِضُ على المُصِحِّ، لا العدوى؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بالتَّوادُد، وإدخال السُّرور بين المؤمنين، وحُسْن التجاوز، ونهى عن التقاطُع والتباغُض والأذى.
فمن اعتقدَ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسبَ الطِّيَرةَ والشُّؤم إلى شيءٍ من الأشياء على سبيل أنه مؤثِّرٌ لذلك دون الله، فقد أعظمَ الفرية على الله وعلى رسوله وضلَّ ضلالًا بعيدًا.
والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ابتدأهم بنفي الطِّيَرة والعدوى، ثمَّ قال:

«الشُّؤم في ثلاث»

، قطعًا لتوهُّم الطِّيَرة المنفيَّة في الثلاثة التي أخبرَ أنَّ الشُّؤم يكونُ فيها، فقال:

«لا عدوى، ولا طيَرة، والشُّؤم في ثلاثة»

، فابتدأهم بالمؤخَّر من الخبر تعجيلًا لهم بالإخبار بفساد العدوى والطِّيَرة المتوهَّمة من قوله:

«الشُّؤم في ثلاثة».

الصفحة

1555/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !