مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

6964 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

بالاستدلال.
وجمهورُ العقلاء من الطوائف يخالفون هؤلاء، ويقولون: الربُّ لا يزالُ يُحْدِثُ الأعيان، كما دلَّ على ذلك الحِسُّ والعقلُ والقرآن؛ فإنَّ الأجسامَ الحادثة بالمشاهدة ذواتُها وأجزاؤُها حادثةٌ بعد أن لم تكن جواهر مفرقةً فاجتمعَت، ومن قال غير ذلك فقد كابر الحِسَّ والعقل، فإنَّ كونَ الإنسان والحيوان مخلوقًا مُحْدَثًا كائنًا بعد أن لم يكن أمرٌ معلومٌ بالضرورة لجميع الناس، وكلُّ أحدٍ يعلمُ أنه حَدَثَ في بطن أمِّه بعد أن لم يكن، وأن عينَه حدَثت، كما قال الله تعالى:

{وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} [مريم: 9]

، وليس هذا عندهم مما يُستَدلُّ عليه بل يُستَدلُّ به، كما هي طريقةُ القرآن؛ فإنه جعَل حدوثَ الإنسان وخلقَه دليلًا، لا مدلولًا عليه.
وقولهم: «إنَّ الحادثَ أعراضٌ فقط، وأنه مركبٌ من الجواهر المفردة»؛ قولان باطلان، بل يُعْلَمُ (1) حدوثُ عين الإنسان وذاته وبطلانُ الجوهر الفرد، ولو كان القولُ بالجوهر صحيحًا لم يكن معلومًا إلا بأدلةٍ خفيةٍ دقيقة، فلا يكونُ [من] أصول الدِّين، بل ولا مقدِّمةً فيها (2).
فطريقتُهم تتضمَّنُ جَحْدَ المعلوم، وهو حدوثُ الأعيان الحادثة وذواتها، وإثباتَ ما ليس بمعلوم ــ بل هو باطل ــ، وهو إثباتُ الجوهر الفرد. وليس هذا موضع استقصاء هذه المسألة (3).

الصفحة

1389/ 1603

مرحبًا بك !
مرحبا بك !