مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

11880 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

وتأمَّل حال الآدميِّ المُخَلَّى ورُسومَ طبعه، المتروكَ ودواعي هواه، كيف تجدُه من شرار الخليقة وأفسدها للعالم، ولولا من يأخذُ على يديه لأهلك الحرثَ والنَّسل، وكان شرًّا من الخنازير والذِّئاب والحيَّات؛ فكيف يستوي في العقل أمرُه ونهيُه بما فيه صلاحُه وصلاحُ غيره به، وتركُه وما فيه أعظمُ فساده وفساد النَّوع وغيره به؟! وكيف لا يكونُ هذا القولُ قبيحًا؟! وأيُّ قُبحٍ أعظمُ من هذا؟! ولهذا أنكر الله سبحانه على من جوَّز عقلُه مثلَ هذا، ونزَّه نفسَه عنه، فقال تعالى:

{أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} [القيامة: 36]

، قال الشافعي:

«معطَّلًا، لا يُؤمَر ولا يُنهى». وقيل: «لا يثابُ ولا يعاقَب» (1).

وقال تعالى:

{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 115]

، ثمَّ نزَّه نفسَه عن هذا الظَّنِّ الكاذب، وأنه لا يليقُ به، ولا يجوزُ في العقول نسبةُ مثله إليه؛ لمنافاته لحكمته وربوبيَّته وإلهيَّته وحمدِه، فقال:

{فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون: 116].

وقال تعالى:

{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (38) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} [الدخان: 38 - 39]

، وفُسِّر الحقُّ بالثَّواب والعقاب، وفُسِّر بالأمر والنهي، وهذا تفسيرٌ له ببعض معناه؛ والصَّوابُ أنَّ الحقَّ هو إلهيَّته وحكمتُه المتضمِّنةُ للخلق والأمر والثَّواب والعقاب، فمَصْدَرُ ذلك كلِّه الحقُّ، وبالحقِّ وُجِد، وبالحقِّ قام، وغايتُه الحقُّ (2)، وبه قيامُه، فمحالٌ

الصفحة

1072/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !