{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا} [الزمر: 29]
![الجامع لعلوم الامام ابن القيم](https://ibnelqayem.com/themes/Ibn-Qaim/frontend/Ibn-Qaim/assets/images/logo.png)
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
كقوله:
{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا} [الزمر: 29]
، فهذا مثلٌ ضرَبه يتضمَّنُ قياسَ الأولى في حقِّه (1)، يعني: إذا كان المملوكُ فيكم له مُلَّاكٌ مشتركون فيه، وهم متنازعون، ومملوكٌ آخرُ له مالكٌ واحد، فهل يكونُ هذا وهذا سواءً؟! فإذا كان هذا ليس عندكم كمن له ربٌّ واحدٌ ومالكٌ واحد، فكيف ترضون أن تجعلوا لأنفسكم آلهةً متعدِّدةً تجعلونها شركاءَ لله، تحبُّونها كما تحبُّونه، وتخافونها كما تخافونه، وترجونها كما ترجونه؟! وكقوله تعالى:
{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [الزخرف: 17]
، يعني: أنَّ أحدكم (2) لا يرضى أن يكون له بنتٌ، فكيف تجعلون لله ما لا ترضونه لأنفسكم؟! وكقوله:
{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [النحل: 75 - 76]
، يعني: إذا كان لا يستوي عندكم عبد مملوكٌ لا يَقْدِرُ على شيءٍ وغنيٌّ مُوسَّعٌ عليه يُنْفِقُ مما رزقه الله، فكيف تجعلون الصَّنمَ الذي هو أسوأ حالًا من هذا العبد شريكًا لله؟!