مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

14826 6

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

الشيءَ بما لا يصحُّ اعتبارُه به.
ويؤيِّد هذا الوجه العشرون: أنَّ العقل إذا حكم بقُبح الكذب والظُّلم والفواحش، فإنه لا يختلفُ حكمُه بذلك في حقِّ نفسه ولا غيره، بل يعلمُ أنَّ كلَّ عقلٍ يستقبحُها وإن كان يرتكبُها لحاجته أو جهلِه، فكما أصابَ في استقباحها أصابَ في نسبة القُبح إلى ذاتها، وأصابَ في حُكمه بقُبحها مطلقًا، ومن غلَّطه في بعض هذه الأحكام فهو الغالطُ عليه.
وهذا بخلاف ما إذا حَكَمَ باستحسان مطعمٍ أو ملبسٍ أو مسكنٍ أو لونٍ فإنه يعلمُ أنَّ غيرَه يحكمُ باستحسان غيره، وأن هذا مما يختلفُ باختلاف العوائد والأمم والأشخاص، فلا يحكمُ به حكمًا كلِّيًّا إلا حيث يعلمُ أنه لا يختلف، كما يحكمُ حكمًا كلِّيًّا بأنَّ كلَّ ظمآنٍ يستحسنُ شربَ الماء ما لم يَمْنَع منه مانع، وكلَّ مَقْرورٍ يستحسنُ لباسَ ما فيه دِفؤه ما لم يَمْنَع منه مانع، وكذلك كلُّ جائعٍ يستحسنُ ما يَدْفعُ به سَوْرَة الجوع.
فهذا حكمٌ كلِّيٌّ (1) في هذه الأمور المحسوسة لا غَلَط فيه، مع كون المحسوسات عُرضةً لاختلاف النَّاس في استحسانها واستقباحها بحسب الأغراض والعوائد والإلف، فما الظَّنُّ بالأمور الكلِّيَّة العقليَّة التي لا تختلف، إنما هي نفيٌ وإثبات؟! الوجه الحادي والعشرون: قولكم: «مِنْ مَثارات الغَلَط: أنَّ ما هو مخالفٌ للغَرض في جميع الأحوال إلا في حالةٍ نادرة، قد لا يَلْتَفِتُ (2)

الصفحة

1032/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !