مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

10840 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

فالسَّحابُ حاملُ رِزق العباد وغيرهم التي عليها مِيرتُهم (1).
وكان الحسنُ إذا رأى السَّحابَ قال:

«في هذا ــ والله ــ رِزقكم، ولكنكم تُحْرَمُونه بخطاياكم وذنوبكم» (2).

وفي «الصَّحيح» (3) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:

«بينا رجلٌ بفلاةٍ من الأرض إذ سَمِعَ صوتًا في سحابة: اسقِ حديقةَ فلان، فمرَّ الرَّجلُ مع السَّحابة حتى أتت على حديقة، فلمَّا توسَّطتها أفرغَت فيها ماءها، فإذا برجلٍ معه مِسحاةٌ يَسْحِي الماءَ بها، فقال: ما اسمُك يا عبد الله؟ قال: فلان، للاسم الذي سَمِعهُ في السحابة ... ».

وبالجملة؛ فإذا تأمَّلتَ السَّحابَ الكثيفَ المُظلِم (4)، كيف تراهُ يجتمعُ في جوٍّ صافٍ لا كُدورة فيه، وكيف يخلقه الله متى شاء وإذا شاء، وهو مع لِينه ورخاوته حاملٌ للماء الثَّقيل بين السَّماء والأرض، إلى أن يأذنَ له ربُّه وخالقُه في إرسال ما معه من الماء، فيرسلُه ويُنْزِلُه منه مقطَّعًا بالقَطَرات، كلُّ قطرةٍ بقَدْرٍ مخصوصٍ اقتضته حكمتُه ورحمتُه، فيرشُّ السَّحابُ الماءَ على الأرض رشًّا، ويرسلُه قَطَراتٍ مفصَّلة، لا تختلطُ قطرةٌ منها بأخرى، ولا يتقدَّم متأخِّرُها، ولا يتأخَّر متقدِّمها، ولا تُدْرِكُ القطرةُ صاحبتَها فتمتزجُ بها (5)، بل تنزلُ كلُّ واحدةٍ في الطَّريق الذي رُسِمَ لها لا تَعْدِلُ عنه، حتى

الصفحة

576/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !