مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

14788 6

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

فعلمَ سبحانه ما في طبيعته من الضَّعف والخَوَر، فاقتضت حكمتُه أنْ أدخلَه الجنة ليعرفَ النعيمَ الذي أُعِدَّ له عيانًا؛ فيكون إليه أشوَق (1)، وعليه أحرَص، وله أشدَّ طلبًا؛ فإنَّ محبةَ الشيء وطلبه والشَّوق إليه من لوازم تصوُّره، فمن باشر طِيبَ شيءٍ ولذَّته وتذوَّق به (2) لم يكد يصبرُ عنه؛ وهذا لأنَّ النفسَ ذوَّاقةٌ توَّاقة، فإذا ذاقَت تاقَت، ولهذا إذا ذاق العبدُ طعمَ الإيمان وخالطت (3) بشاشتُه قلبَه رسخَ فيه حبُّه، ولم يُؤْثِر عليه شيئًا أبدًا.
وفي "الصحيح" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه المرفوع

: "إنَّ الله عزَّ وجلَّ يسألُ الملائكة، فيقول: ما يسألني عبادي؟ فيقولون: يسألونك الجنة، فيقول: وهل رأوها؟ فيقولون: لا يا ربِّ، فيقول: كيف لو رأوها؟ فيقولون: لو رأوها لكانوا أشدَّ لها طلبًا" (4).

فاقتضت حكمتُه أنْ أراها أباهم وأسكنَه إيَّاها، ثم قَصَّ على بنيه قصَّتَه فصاروا كأنهم مشاهِدون لها حاضرون (5) مع أبيهم، فاستجاب من خُلِقَ لها وخُلِقَت له، وسارع إليها، ولم يَثْنِه عنها العاجلة، بل يَعُدُّ نفسَه كأنه فيها ثم سَباه العدوُّ، فيراها وطنه الأوَّل وقد أُخرِجَ منه، فهو دائمُ الحنين إلى وطنه،

الصفحة

23/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !