[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
ثمَّ زادت الصَّابئةُ (1) في ذلك على الفلاسفة، وقالوا: لما كانت الموجوداتُ في العالم السُّفليِّ مركَّبةً (2) على تأثير الكواكب والرُّوحانيَّات (3) التي هي مدبِّراتُ الكواكب، وكان في اتصالاتها نظرُ سعدٍ (4) ونَحْس، وَجَبَ أن يكونَ في آثارها حُسْنٌ وقُبحٌ في الأخلاق والخَلق والأفعال.
والعقولُ الإنسانيةُ متساويةٌ في النَّوع، فوَجَبَ أن يدركها كلُّ عقلٍ سليمٍ وطبعٍ
قَوِيم، ولا تتوقَّفُ معرفةُ المعقولات على من هو مثلُ ذلك العاقل في النَّوع، فنحن لا نحتاجُ إلى من يُعَرِّفُنا حُسْنَ الأشياء وقُبحَها، وخيرَها وشرَّها، ونفعَها وضرَّها، وكما أنَّا نستخرجُ بالعقول من طبائع الأشياء منافعَها ومضارَّها، كذلك نستنبطُ من أفعال نوع الإنسان (5) حَسَنَها وقبيحَها، فنُلابِسُ ما هو حَسَنٌ منها (6) بحسب الاستطاعة، ونجتنبُ ما هو قبيحٌ منها بحسب الطَّاقة، فأيُّ حاجةٍ بنا إلى شارعٍ يتحكَّمُ على عقولنا؟!