
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
فاقتضت حكمةُ مُبدعِه وخالقه أن بَسَطه ومدَّه على الأرض، ليُلقِيَ عليها ثمارَه فتحملها عنه الأرض. فترى العِرْقَ الضعيفَ الدَّقيقَ من ذلك منبسطًا على الأرض وثمارُه مبثوثةٌ حواليه، كأنه حيوانٌ (1) قد اكتنفها جِراؤها (2) فهي ترضعُها.
ولما كان شجرُ اللُّوبيا والباذنجان والباقِلَّاء وغيرها مما يَقْوى على حمل ثمرته، أنبتَه الله منتصبًا قائمًا على ساقه؛ إذ لا يَلقى من حمل ثماره مؤنةً ولا يَضْعُف عنها.
فصل (3) ثمَّ تأمَّل كيف اقتضت الحكمةُ الإلهيةُ موافاةَ أصناف الفواكه والثِّمار للنَّاس بحسب الوقت المُشاكِل لها المقتضي لها، فتُوافيهم (4) كمُوافاة الماء للظَّمآن، فتلقَّاها (5) الطَّبيعةُ (6) بانشراحٍ واشتياق، منتظرةً لقدومها كانتظار الغائب للغائب.
ولو كان الصيفُ (7) ونباتُه إنما يوافي في الشتاء لصادفَ من النَّاس كراهةً واستثقالًا بوُروده، مع ما كان فيه من المضرَّة للأبدان والأذى لها، وكذلك لو وافى ربيعُها في الخريف أو خريفُها في الرَّبيع لم يقع من النفوس