«لقد هممتُ أن أنهى عنه، ثمَّ رأيتُ فارسَ والروم يفعلونه ولا يضرُّ ذلك أولادَهم شيئًا» (2).

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
كانت تُرضِع، وأنه يشبهُ قتلَ الولد سرًّا، وأنه يُدْرِكُ الفارسَ فيُدَعْثِرُه (1).
وقوله في حديثٍ آخر:
«لقد هممتُ أن أنهى عنه، ثمَّ رأيتُ فارسَ والروم يفعلونه ولا يضرُّ ذلك أولادَهم شيئًا» (2).
وقد قيل: إنَّ أحدَ الحديثين منسوخٌ بالآخر، وإن لم نعلَم عَيْنَ الناسخ منهما من المنسوخ، لعدم علمنا بالتاريخ.
وقيل ــ وهو أحسن ــ: إنَّ النفيَ والإثباتَ لم يتواردا على محلٍّ واحد، فإنه - صلى الله عليه وسلم - أخبَر في أحد الجانبين أنه يفعَل في الولد مثلَ ما يفعَل من يصرعُ الفارسَ عن فرسه، كأنه يُدَعْثِرُه ويصرعُه، وذلك يوجبُ نوعَ وَهْن (3)، ولكنه ليس بقتلٍ للولد وإهلاكٍ له، وإن كان قد يترتبُ عليه نوعُ أذًى للطفل؛ فأرشدَهم إلى تركه، ولم ينهَ عنه، بل قال:
«علامَ يفعلُ أحدُكم ذلك؟» (4)
، ولم يقل: لا تفعلوه، فلم يجئ عنه - صلى الله عليه وسلم - لفظٌ واحدٌ بالنهي عنه.
ثمَّ عزَمَ على النهي سدًّا لذريعة الأذى الذي ينالُ الرضيع، فرأى أنَّ سدَّ هذه الذريعة لا يقاوم المفسدةَ التي تترتبُ على الإمساك عن وطء النساء مدَّة الرضاع، ولاسيَّما من الشَّباب وأرباب الشَّهوة التي لا يَكْسِرُها إلا مواقعةُ نسائهم.