«نفسي، نفسي»
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
والمقصودُ أنَّ الله سبحانه جعل اتباعَ هداه وعَهْده الذي عَهِدَه إلى آدم سببًا ومقتضيًا لعدم الخوف والحزن، والضلال والشقاء، وهذا الجزاءُ ثابتٌ بثبوت الشرط، مُنْتَفٍ بانتفائه، كما تقدَّم بيانُه.
ونفيُ الخوف والحزن عن متَّبع الهدى نفيٌ لجميع أنواع الشرور؛ فإنَّ المكروهَ الذي ينزلُ بالعبد متى عَلِمَ بحصوله فهو خائفٌ منه أن يقع به، وإذا وقع به فهو حزينٌ على ما أصابه منه، فهو دائمًا في خوفٍ وحزن، فكلُّ (1) خائفٍ حزينٌ، وكلُّ حزينٍ خائفٌ، وكلٌّ من الخوف والحزن يكونُ على فوت (2) المحبوب وحصول المكروه.
فالأقسامُ أربعة: خوفٌ من فَوْت المحبوب وحصول المكروه، وحزنٌ على فَوْت المحبوب وحصول المكروه (3)، وهذا جماعُ الشرِّ كلِّه.
فنفى الله سبحانه ذلك عن متَّبع هداه الذي أنزله على ألسنة رسله، وأتى في نفي الخوف بالاسم الدَّالِّ على نفي الثبوت واللزوم (4)، فإنَّ أهلَ الجنة لا بدَّ لهم من الخوف في الدنيا، وفي البرزخ، ويوم القيامة حيثُ يقولُ آدمُ وغيره من الأنبياء:
«نفسي، نفسي»
؛ فأخبر سبحانه أنهم وإن خافوا فلا خوفٌ عليهم، أي: لا يلحقُهم الخوفُ الذي خافوا منه.
وأتى في نفي الحزن بالفعل المضارع الدَّالِّ على نفي التجدُّد