{وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [البقرة: 269].

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
وأعلمُ النَّاس أبصرُهم بالحقِّ إذا اختلف النَّاس، وإن كان مقصِّرًا في العمل.
وتحت كلِّ واحدٍ من هذه الأقسام أنواعٌ لا يحصي مقاديرَها وتفاوتها إلا الله.
إذا عُرِف هذا؛ فالقسمُ الأوَّلُ لا ينتفعُ بهذا الباب (1)، ولا يزدادُ به إلا ضلالة، والقسمُ الثَّاني ينتفعُ به بقدر فهمه واستعداده، والقسمُ الثَّالث وإليهم هذا الحديثُ يُسَاق، وهم أولو الألباب الذين يخصُّهم الله في كتابه بخطاب التنبيه والإرشاد، وهم المرادون على الحقيقة بالتَّذكرة؛ قال الله تعالى:
{وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [البقرة: 269].
فصل قد شَهِدت الفِطر (2) والعقولُ بأنَّ للعالم ربًّا قادرًا حكيمًا (3) عليمًا رحيمًا، كاملًا في ذاته وصفاته، لا يكونُ إلا مريدًا للخير لعباده، مُجْرِيًا لهم على الشريعة والسُّنَّة الفاضلة العائدة باستصلاحهم، الموافقة لما ركَّب في عقولهم من استحسان الحَسَن واستقباح القبيح، وما جَبَل طباعَهم عليه من إيثار النَّافع لهم المصلح لشأنهم وترك الضارِّ المفسد لهم.
وشَهِدت هذه الشريعةُ له بأنه أحكمُ الحاكمين، وأرحمُ الراحمين، وأنه المحيطُ بكلِّ شيءٍ علمًا.