مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

11650 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

الوقتُ (1) أحدثتُ توبةً. وهذا مذهبٌ لا يرتضيه الله تعالى عزَّ وجلَّ من عباده، ولا يقبلُه منهم (2)، ولا يصلُح عليه أحوالُ العالم، ولا يصلُح العالم إلا على هذا الذي اقتضته حكمتُه وسبق في علمه.
فلو أنَّ عبدًا من عبيدك عمل على أن يُسْخِطك أعوامًا ثمَّ يرضيك ساعةً واحدةً إذا تيقَّن أنه صائرٌ إليك لم تَقْبَل منه، ولم يفُز لديك بما يفوزُ به من همُّه رضاك (3).
وكذا سنةُ الله عزَّ وجلَّ أنَّ العبد إذا عاين الانتقال إلى الله تعالى لم تنفعه توبةٌ ولا إقلاع؛ قال تعالى:

{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} [النساء: 18]

، وقوله:

{فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ} [غافر: 84 - 85].

والله تعالى إنما يغفرُ للعبد إذا كان وقوعُ الذَّنب منه على وجه غلبة الشَّهوة وقوَّة الطَّبيعة، فيُواقِعُ الذَّنبَ مع كراهته له من غير إصرارٍ (4) في نفسه، فهذا تُرجى له مغفرةُ الله وصفحُه وعفوُه؛ لعلمه تعالى بضعفه وغلبة شهوته له، وأنه يرى كلَّ وقتٍ (5) ما لا صبر له عليه، فهو إذا واقع الذَّنبَ

الصفحة

803/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !