«أعلَمَ اللهُ عز وجل أنه لا جهةَ لهدايتهم؛ لأنهم قد استحقُّوا أن يَضِلُّوا بكفرهم؛ لأنهم كفروا بعد البينات» (1).
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
قال الزجاج:
«أعلَمَ اللهُ عز وجل أنه لا جهةَ لهدايتهم؛ لأنهم قد استحقُّوا أن يَضِلُّوا بكفرهم؛ لأنهم كفروا بعد البينات» (1).
ومعنى (كيف يهديهم) (2) أي: أنه لا يهديهم؛ لأنَّ القومَ عرفوا الحقَّ، وشهدوا به وتيقَّنوه، وكفروا عمدًا، فمن أين تأتيهم الهداية؟! فإنَّ الذي ترتجى هدايتُه من كان ضالًّا ولا يدري أنه ضالٌّ، بل يظنُّ أنه على هدى، فإذا عرفَ الهدى اهتدى، وأما من عرفَ الحقَّ وتيقَّنه وشهدَ به قلبُه ثمَّ اختار الكفرَ والضلال عليه، فكيف يهدي اللهُ مثل هذا؟! وقال تعالى عن اليهود:
{فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ}
، ثمَّ قال: {
بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [البقرة: 89، 90]
، قال ابن عباس رضي الله عنهما:
«لم يكن كفرُهم شكًّا ولا اشتباهًا، ولكن بغيًا منهم، حيث صارت النبوَّةُ في ولد إسماعيل» (3).
ثمَّ قال بعد ذلك:
{وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ