{صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [البقرة: 171]
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
وبقوله تعالى في وصف الكفار:
{صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [البقرة: 171]
، وبقوله:
{وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [التوبة: 93]
، وبقوله تعالى:
{خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: 7].
وهذه مداركُ العلم الثلاثُ قد سُدَّت عليهم (1).
وكذلك قولُه تعالى:
{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [الجاثية: 23].
وقولُه تعالى:
{وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ}
قال سعيد بن جبير:
«على عِلْمِه تعالى فيه» (2).
قال الزجاج (3):
«أي: على ما سبقَ في علمه تعالى أنه ضالٌّ قبل أن يخلقه».
{وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ}
أي: طبعَ عليه فلم يسمع الهدى، وعلى قلبه فلم يعقل الهدى، و
{عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً}
فهو لا يبصرُ أسبابَ الهدى.
وهذا في القرآن كثير، مما يبيَّنُ فيه منافاةُ الضلال للعلم، ومنه قولُه تعالى:
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} [محمد: 16]
، فلو كانوا علموا ما قال الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - لم يسألوا أهلَ العلم ماذا قال، ولما كان مطبوعًا