«فِرَّ من المجذوم فرارَك من الأسد» (1)

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
فإذا اجتمعت هذه الأمورُ مع نوع فسادٍ في التصوُّر، أو القصد، أوهَما ما شئتَ من خَبْطٍ وغلطٍ وإشكالاتٍ واحتمالاتٍ وضرب كلامه بعضه ببعض، وإثبات ما نفاه ونفي ما أثبته، والله المستعان.
فصل وأمَّا قضيةُ المجذوم؛ فلا ريب أنه رُوِي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
«فِرَّ من المجذوم فرارَك من الأسد» (1)
، وأرسل إلى ذلك المجذوم:
«إنَّا قد بايعناك فارجِع» (2)
، وأخَذ بيد مجذومٍ فوضعها في القصعة، وقال:
«كُلْ، ثقةً بالله وتوكُّلًا عليه» (3).
ولا تنافي بين هذه الآثار، ومن أحاطَ علمًا بما قدَّمناه تبيَّن له وجهُها، وأنَّ غايةَ ذلك أنَّ مخالطةَ المجذوم من أسباب العدوى، وهذا السببُ يعارضُه أسبابٌ أخرُ تمنعُ اقتضاءه.
فمِنْ أقواها: التَّوكُّلُ على الله والثقةُ به، فإنه يمنعُ تأثيرَ ذلك السبب المكروه، ولكن لا يقدرُ كلُّ واحدٍ من الأمَّة على هذا، فأرشدَهم إلى مجانبة