
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
وسائر ما يتجدَّدُ ويحدثُ ويُتَخوَّفُ ويُتمَنَّى.
وسألتني أن أعملَ كتابًا أذكرُ فيه بعضَ ما وقع إليَّ من اختلافهم في أصول الأحكام الدَّالة على وهمهم وقُبح اعتقادهم، وما يُستَدلُّ به من طريق النظر والقياس على ضعف مذهبهم، وألخِّصُ ذلك وأختصرُه وأقرِّبه بحسب الوُسع والطاقة، فوعدتُك بذلك، وقد ضمَّنتُه كتابي هذا، واللهَ أسألُ عونًا على ما قرَّبَ منه (1)، وتوفيقًا لما أزلَفَ لديه، إنه قريبٌ مجيب فعَّالٌ لما يريد.
لستُ مستعملًا للتَّحامل على من أثبتَ تأثيرَ الكواكب في هذا العالم وتَركِ إنصافهم، كما فعل قومٌ ردُّوا عليهم، فإنهم دفعوهم عن أن يكون لها تأثيرٌ البتَّة غيرَ وجود الضِّياء في المواضع التي تطلعُ عليها الشَّمس والقمر، وعدمِه فيما غابا عنه، وما جرى هذا المجرى.
بل أسلِّمُ لهم أنها تؤثِّر تأثيرًا ما يجري على الأمر الطبيعي: مثل: أن يكون البلدُ القليلُ العَرْض مزاجُه يميلُ عن الاعتدال إلى الحرِّ واليُبس، وكذلك مِزاجُ أهله، وأجسامُهم ضعيفة، وألوانُهم سودٌ وصُفر، كالنُّوبة والحبشة، وأن يكون البلدُ الكثيرُ العَرْض مزاجُه يميلُ عن الاعتدال إلى البرد والرطوبة (2)، وكذلك مزاجُ أهله، وأجسامُهم عَبْلة (3)، وألوانهم بيضٌ وشُعورُهم شُقر، مثلُ التُّرك والصَّقالبة.
ومثل: أن يكون النباتُ يَنْمِي ويقوى ويشتدُّ ويتكاملُ وينضجُ ثمرُه