مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

12087 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

والغاياتُ المطلوبةُ والعواقبُ المحمودةُ التي لأجلها أنزَل كتبَه، وأرسل رسلَه، وشرع شرائعَه، وخلَق الجنةَ والنَّار، ووضعَ الثَّوابَ والعقاب، لا تحصُل (1) إلا بإقدار العبادِ على الخير والشرِّ، وتمكينهم من ذلك، وإعطائهم (2) الأسبابَ والآلات التي يتمكَّنون بها مِنْ فعل هذا وهذا.
فلهذا حَسُنَ منه تبارك وتعالى التَّخلِيةُ بين عباده وبين ما هم فاعِلُوه، وقَبُحَ من أحدنا أن يخلِّيَ بين عبيده وبين الإفساد وهو قادرٌ على منعهم، هذا مع أنه سبحانه لم يخلِّ بينهم، بل مَنَعَهم منه، وحرَّمه عليهم، ونَصَبَ لهم العقوبات الدُّنيوية والأخروية على القبائح، وأحلَّ بهم مِنْ بأسه وعذابه وانتقامه (3) ما لا يفعلُه السيِّدُ من المخلوقين بعبيده ليمنعَهم ويزجُرهم.
فقولكم: «إنه خلَّى بين عباده وبين إفساد بعضهم بعضًا وظُلم بعضهم بعضًا» كذبٌ عليه، فإنه لم يخلِّ بينهم شرعًا ولا قَدَرًا، بل حالَ بينهم وبين ذلك شرعًا أتمَّ حَيْلُولة، ومَنَعَهم قَدَرًا بحسب ما تقتضيه حكمتُه الباهرةُ وعلمُه المحيط، وخلَّى بينهم وبين ذلك بحسب ما تقتضيه حكمتُه وشرعُه ودينُه.
فمنعُه سبحانه لهم وحيلولتُه بينهم وبين الشرِّ أعظمُ من تخلِيَته، والقَدْرُ الذي خلَّاه بينهم في ذلك هو ملزومُ أمره وشرعه ودينه؛ فالذي فعَله في الطَّرفين غايةُ الحكمة والمصلحة، ولا نهاية فوقه لاقتراح عقل.

الصفحة

1056/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !