كانت فوق السماء"
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
كانت فوق السماء"
؛ فنحن نطالبكم بهذا الظُّهور، ولا سبيل لكم إلى إثباته.
قولُكم (1):
"إنه كرَّر فيه ذكر الهبوط مرتين، ولا بدَّ أن يفيدَ الثاني غيرَ ما أفاد الأول، فيكونُ الهبوطُ الأول من الجنة، والثاني من السماء"
= فهذا فيه خلافٌ بين أهل التفسير: فقالت طائفةٌ هذا القول الذي ذكرتموه.
وقالت طائفةٌ ــ منهم النقَّاشُ (2) وغيره ــ: إنَّ الهبوط الثاني إنما هو من الجنة إلى السماء، والهبوطُ الأولُ إلى الأرض، وهو آخرُ الهبوطَيْن في الوقوع وإن كان أوَّلهما في الذِّكر.
وقالت طائفة: أتى به على جهة التغليظ والتأكيد، كما تقول للرجل: اخرُج، اخرُج.
وهذه الأقوالُ ضعيفة.
فأمَّا القولُ الأول، فيظهرُ ضعفُه من وجوه: أحدها: أنه مجردُ دعوى لا دليل عليها من اللفظ ولا من خبرٍ يجبُ المصيرُ إليه، وما كان هذا سبيلُه لا يُحْمَلُ القرآنُ عليه.
الثاني: أنَّ الله سبحانه قد أهبط إبليسَ لما امتنع من السجود لآدم إهباطًا كونيًّا قدريًّا لا سبيل إلى التخلُّف عنه، فقال تعالى: {فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ