الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [يونس: 5]

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [يونس: 5]
، وقال تعالى:
{وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [الإسراء: 12].
فصل (1) ثمَّ تأمَّل الحكمةَ في طلوع الشمس على العالم، كيف قدَّره العزيزُ العليمُ سبحانه؛ فإنها لو كانت تطلُع في موضعٍ من السَّماء فتَقِفُ فيه ولا تَعْدُوه لما وَصَل شعاعُها إلى كثيرٍ من الجهات؛ لأنَّ ظِلَّ أحد جوانب كُرة الأرض يحجُبها عن الجانب الآخر (2)، فكان يكونُ الليلُ دائمًا سَرْمدًا على من لم تطلُع عليهم، والنَّهارُ دائمًا سَرْمدًا على من هي طالعةٌ عليهم، فيفسُد هؤلاء وهؤلاء.
فاقتضت الحكمةُ الإلهيَّةُ والعنايةُ الربَّانيَّةُ أن قدَّر طلوعَها من أوَّل النَّهار من المشرق، فتُشْرِقُ على ما قابَلها (3) من الأفق الغربيِّ، ثمَّ لا تزالُ تدورُ وتغشى جهةً بعد جهةٍ حتى تنتهي إلى المغرب، فتُشْرِق على ما استَتر عنها في أوَّل النَّهار، فيختلف عندهم الليلُ والنَّهار، فتنتظم مصالحهم.