مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

10703 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

وجعلها كِفاتًا للأحياء تضمُّهم على ظهرها ما داموا أحياءً، وكِفاتًا للأموات تضمُّهم في بطنها إذا ماتوا، فظهرُها وطنٌ للأحياء وبطنُها وطنٌ للأموات.
وقد أكثرَ تعالى من ذكر الأرض في كتابه، ودعا عبادَه إلى النَّظر إليها والتفكُّر في خلقها؛ فقال تعالى:

{وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} [الذاريات: 48]،

{اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا} [غافر: 64]

،

{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا} [البقرة: 22]

، {

أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية: 17 - 20]

،

{إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الجاثية: 3].

وهذا كثيرٌ في القرآن.
فانظر إليها وهي ميتةٌ هامدةٌ خاشعة (1)، فإذا أنزل عليها (2) الماءَ اهتزَّت فتحرَّكت، ورَبَت فارتفعت، واخضرَّت وأنبتت من كلِّ زوجٍ بهيج، فأخرجت عجائبَ النَّبات في المنظر والمَخْبر، بهيج للناظرين، كريم للمتناولين، فأخرجت الأقواتَ على اختلافها وتبايُن مقاديرها وأشكالها وألوانها ومنافعها، والفواكهَ والثِّمار، وأنواعَ الأدوية، ومراعي الدَّوابِّ والطَّير.

ثمَّ انظر إلى قِطَعِها المتجاورات، وكيف ينزلُ عليها ماءٌ واحدٌ فتُنبِتُ الأزواجَ المختلفةَ المتباينةَ في اللون والشَّكل والرائحة والطَّعم والمنفعة، واللِّقاحُ واحدٌ، والأمُّ واحدة؛ كما قال تعالى:

{وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الرعد: 4].

الصفحة

570/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !