{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ} [الحديد: 25]
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
علمي (1)، قال تعالى:
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ} [الحديد: 25]
؛ فالبيِّنات: الآياتُ التي أقامها اللهُ دلالةً على صدقهم من المعجزات، والكتابُ: هو الدعوة.
وقال تعالى:
{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} [آل عمران: 96 - 97]
، ومقامُ إبراهيم آيةٌ جزئيةٌ مرئيةٌ بالأبصار، وهو من آيات الله الموجودة في العالم. ومنه قولُ موسى لفرعون وقومه:
{قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105) قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَى عَصَاهُ} [الأعراف: 105 - 107]
، وكان إلقاءُ العصا وانقلابها حيَّةً هو البيِّنة.
وقال قومُ هودٍ:
{يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ} [هود: 53]
، يريدونَ آيةَ الاقتراح، وإلا فهو قد جاءهم بما يعرفون به أنه رسولُ الله إليهم، فطلبُ الآية بعد ذلك تعنُّتٌ واقتراحٌ لا يكون لهم عذرٌ في عدم الإجابة إليه.
وهذه هي الآياتُ التي قال اللهُ تعالى فيها:
{وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ} [الإسراء: 59]
، فعدمُ إجابته سبحانه إليها إذ طلبها الكفارُ [كان] رحمةً منه وإحسانًا؛ فإنه جرَت سُنَّته التي لا تبديل لها أنهم إذا طلبوا الآيةَ واقترحوها وأجيبوا ولم يؤمنوا عُوجِلوا بعذاب الاستئصال (2)،