مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

10945 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

نهايةَ ما ينالُه أمثالُه منها، فكم بين حاله في أول كونه نطفةً وبين حاله والربُّ يُسَلِّمُ عليه في داره، وينظرُ إلى وجهه بكرةً وعشيًّا؟! والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في أول أمره لمَّا جاءه الملَك فقال له: اقرأ، فقال:

«ما أنا بقاراء» (3)، ومسلم (160) من حديث عائشة." data-margin="1">(1)

، وفي آخر أمره يقولُ الله له (2):

{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: 3]

، ويقولُ له خاصَّة: {

وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: 113].

ويحكى أنَّ جماعةً من النصارى تحدَّثوا بينهم، فقال قائلٌ منهم: ما أقلَّ عقولَ المسلمين! يزعمونَ أنَّ نبيَّهم كان راعي الغنم، فكيف يصلُح راعي الغنم للنبوَّة؟! فقال له آخرُ من بينهم: أمَّا هم فوالله أعقلُ منَّا؛ فإنَّ الله بحكمته

يسترعي النبيَّ الحيوانَ البهيم، فإذا أحسنَ رعايتَه والقيامَ عليه نقله منه إلى رعاية الحيوان الناطق؛ حكمةً من الله وتدريجًا لعبده (3)، ولكن نحن جئنا إلى مولودٍ خرج من امرأة، يأكلُ ويشربُ ويبولُ ويبكي، فقلنا: هذا إلهنا الذي خلقَ السموات والأرض! فأمسكَ القومُ عنه.
فكيف يَحْسُنُ بذي همَّةٍ قد أزاحَ اللهُ عنه عِلَلَه، وعرَّفَه السعادةَ والشقاوة، أن يرضى بأن يكون حيوانًا وقد أمكنه أن يصير إنسانًا، وبأن يكون إنسانًا وقد أمكنه أن يصير مَلَكًا (4) في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر، فتقومُ

الصفحة

303/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !