مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

10916 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

عامٌّ في الحيوانات، ناطقِها وبهيمِها، طيرِها وغيره. ويؤكِّدُ هذا قولُه:

«حتى الحيتان في الماء، وحتى النملةُ في جُحْرها».

فقيل: سببُ هذا الاستغفار أنَّ العالِمَ يعلِّمُ الخلقَ مراعاةَ هذه الحيوانات، ويعرِّفُهم ما يحلُّ منها وما يحرُم، ويعرِّفُهم كيفيةَ تناولها، واستخدامها، وركوبها، والانتفاع بها، وكيفيةَ ذبحها على أحسن الوجوه وأرفقها بالحيوان، والعالِمُ أشفقُ الناس على الحيوان، وأقومُهم ببيان ما خُلِقَ له (1).
وبالجملة؛ فالرحمةُ والإحسانُ التي خُلِقَ بهما ولهما الحيوان، وكُتِبَ لهما حظُّهما منه، إنما يُعْرَفُ بالعلم، فالعالِمُ مُعرِّفٌ لذلك؛ فاستحقَّ أن تستغفر له البهائم، والله أعلم.
وقولُه:

«وفضلُ العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب»

تشبيهٌ مُطابِقٌ لحال القمر والكواكب؛ فإنَّ القمرَ يضيءُ الآفاق، ويمتدُّ نورُه في أقطارِ العالَم (2)، وهذه حالُ العالِم. وأما الكوكبُ فنورُه لا يجاوزُ نفسَه، أو ما قَرُبَ منه، وهذه حالُ العابد الذي يضيءُ نورُ عبادته عليه دون غيره، وإن جاوز نورُ عبادته غيرَه فإنما يجاوزُه غير بعيد، كما يجاوزُ ضوءُ الكوكب له مجاوزةً يسيرة.
ومن هذا الأثرُ المرويُّ:

«إذا كان يومُ القيامة يقولُ الله للعابد: ادخل الجنة، فإنما كانت منفعتُك لنفسك، ويقالُ للعالِم: اشفَع تُشَفَّع، فإنما كانت

الصفحة

175/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !